حق الرؤية - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


حق الرؤية
أكرم الحلبي – 30\11\2009
بصفتي مواطن أمارس حق الرؤية, لا ولن اسمح لأي كائن بشري على وجه الكوكب أن يمثل نفسه وكيلاً لما أرى..!!
من المؤسف جداً أن تحدث هذه الأعمال التخريبية للأعمال الفنية , إنها أحداث بالفعل مخجلة, تظهر مدى انحطاط فاعليها. ومن المؤسف أن ينحصر الفن ضمن حدود ترسمها اديولوجيات متعصبة, تتصرف دون أن تأخذ رأي الأخر وكأنها هي الوكيلة لتمثيل أخلاق الآخرين, أو لتحدد ماهية الفن المسموح رؤيته, وماهية الفن الممنوع من الرؤية...! هذا التحديد دليل على إننا نستعمل أعيننا كعصا الضرير..! فقط لكي لا نلتطم بالجدران. للأسف إننا نستعمل أعيننا كعضو أبله يلتطم بالتفاسير الموروثة للأشياء ولا نرى الأشياء نفسها.
ممارسة الرؤية هي ضرورة أخلاقية لا يحل مكانها أي بديل . هي تراكم بصري حسي, وواجب على كل إنسان تعزيزه, وإحياؤه. فالنتاج الفني هو ضرورة تتلازم كشرط أساسي مع تطور أي مجتمع ينمو بشكل طبيعي. وهذا النتاج في الجولان هو امتداد لتيارات الفن في الوطن العربي والعالم عموما. فالاتجاهات الفنية التي تحملها أعمال الفنانين متقاطعة مع التيارات الفنية المعاصرة الحداثوية في العالم. ومقوماتها هي أسئلة الفن المطروقة حالياً, في البحث بماهية الفن نفسه وعلاقته بالمجتمع وضرورته الأخلاقية للمنتج والمشاهد, تحت أسئلة: الـ ماذا والـ كيف؟...!
ان صعوبة قراءة الفن وقراءة حداثته, هي حالة طبيعية يواجهها أي إنسان يصطدم بعمل فني, ولاجتياز هذه الصدمة من المهم أن نعطي العمل حقه من الرؤية, ويكفي أن تكون إنسانا متسائلا. ولا يتم قراءة العمل الفني من خلال "تبصيره" أو من خلال التفاسير الموروثة المسبقة. فهو خارج هذه المباشرة. من الخطاء أن نقوم بترجمته إلى تفاسير محدودة ذات معنى محدد. أي لا يمكن قراءة العمل الفني من زاوية واحدة تحجمه أو تقفل حرية قراءته, ضمن رؤية واحدة... "فيقوم هذا القارئ بإصدار حكماً يحدد معناه وفقا لمعاييره الشخصية, أو وفقاً للزاوية المحدودة التي يرى من خلالها العمل, و بالتالي إن كان يدري أو دون أن يدري فهو يملي على الآخرين (بكيفية مقفلة) في قراءة العمل الفني". لا توجد أبجدية واحدة يتم من خلالها قراءة الفن....إن إمكانية كل عمل فني أن يحتوي على أبجدية بصرية خاصة به, جعلت من الفن لغة تجتاز كل الحدود وأوسع من أن تأطر بقراءة واحدة. وتحث كل قارئ على ممارسة الرؤية المتسائلة, للبحث الدائم عن أبجدية جديدة عند عملية قراءة الفن. وهذه القراءة ليست لها قاعدة محدده يمكن اعتمادها لفهم العمل الفني. فهي فقط تراكم بصري متسائل يفتح الآفاق في فهم الفن وعلاقته بالذات والحاجة لممارسته. (انه حوار ذاتي أهميته تكمن بمحاولة إعادة تعريف الذات من خلال الشيء المرئي).
الحراك الفني المتواضع في السنوات الأخيرة في الجولان يعكس الحياة الواقعية المعاشة في المجتمع الجولاني, و يبني نافذة تطل على العالم, لتعاصر أسئلة الفن المطروحة حالياً. هذه اليقظة تبذل الطاقة أضعافا لتشق طريقها بإصرار في (ريف اديولوجي مساحته ضيقة في تقبل "حداثة الفن" كحاجة أو ضرورة اجتماعية). وبنفس الوقت هذا النتاج محارب بشكل غير مباشر من قبل الاحتلال, في محاولة إلغاء امتداده للفن في الوطن العربي والعالمي, أي يشرط أن يعرف تحت الفن الإسرائيلي..! هذه الثنائية تعيشها أعمال الفنانين في الجولان. ويجب أن نعمل سوياً وندافع عن الفن بكل أنواعه (الفن البصري والمسرح والأدب والموسيقى...) ليجتاز كل هذه التعريفات الضيقة, والحدود الجغرافية السياسية والاديولوجية ..., وللحم هذا الشرخ, ولملء هذا الفراغ, ولتقصير مساحة الغربة بين المشاهد والفن, فلنعمل سوياً لنعكس الوجه الحضاري لثقافة تشق طريقها تحت الاحتلال. وهذا برأيي هو أهم دور يقوم به الفن في الجولان.
محبتي
اكرم الحلبي 29.11.2009